بسم الله الرحمن الرحيم
الافتتاحية
بقلم رئيس التحرير
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه المنتجبين…
في إطار المفهوم الجديد للقضاء في بلدنا الحبيب العراق ، وخصوصاً بعد تشريع قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 لسنة 2017 والنهج الذي إختطه مجلس القضاء الأعلى بعد صدور القانون المذكور في تكريس مفهوم إستقلال القضاء بشكل كامل ونشر الوعي القانوني والقضائي بشكل واسع وإنطلاقاً من أهداف جمعية القضاء العراقي في نشر الثقافة القانونية وتشجيع القضاة وأعضاء الادعاء العام أفراداً أو مجاميع بأعداد الدراسات والبحوث التي تعالج مشكلات العمل وتطوير العمل القضائي فأنه من دواعي سرورنا أن نشهد إصدار مجلة تعنى بالجوانب القانونية والقضائية ، ولكون شريعة حمورابي هي أولى الشرائع القانونية والقضائية المكتوبة والتي تضمنت مجموعة من القوانين بلغ عددها 282 مادة قانونية سجلها الملك حمورابي وهو سادس ملوك بابل (حكم سنة 1792 قبل الميلاد الى سنة 1750 قبل الميلاد) على مسلة كبيرة إسطوانية الشكل يبلغ طولها 225سم وقطرها 60سم ، وتذكيراً وإستذكاراً بأن وادي الرافدين كان المهد الأول للتشريعات وتطبيق حكم القانون ، فقد أطلقنا على مجلتنا أسم الملك البابلي (حمورابي) ليبدأ من خلال إنطلاق هذه المجلة نبض الحياة في مجلة فتية بعمرها وكبيرة بمضمونها ، تكون رافداً صافياً وعذباً يصب في النهر الذي يرتوي منه طلاب العلم والمعرفة القانونية والقضائية ، وتأمل هيئة التحرير أن تترجم حرصها الدائم على رصانة هذا المنبر العلمي والثقافي بإتباع التقاليد المحكمة في تقديم الدراسات والبحوث وإختيار الأحكام القضائية التي تشكل إجتهاداً قضائياً وتطبيقاً رصيناً لأحكام القانون ، ونؤكد للجميع إن هذه النبتة اليانعة ستكبر وتصبح روضة ضليلة بجهودكم ومساهمتكم القيمة لأنها تمثل ينبوع عطائكم.
واليوم نضع بين أيدي القراء الكرام مجلة حمورابي التي تندرج ضمن مشروع جمعية القضاء العراقي في نشر الوعي القانوني والقضائي في إطار رؤية إستشرافية لمستقبل البحث القانوني والقضائي وتنمية علم القضاء وفن التقاضي وتطويرهما والذي يهدف الى أن يكون جزء من مشروع أسمى واكبر وهو مشروع (التنمية القضائية) الذي سيتم الحديث عنه في الأعداد القادمة إن شاء الله.
إن هذه المجلة هي منبر جديد وحديث من حيث العمر إلا إننا نأمل أن يكون منبراً ينافس من سبقه في هذا المجال، معتمدين في ذلك على صدق النية والثقة العالية بهيئة التحرير وبمن يرفد هذا المنبر بمفيد القول وعصارة التجربة لكي تكون وسيلة حقيقية لنشر الثقافة القانونية وتطويرها في كافة المجالات بالإضافة الى تشجيع الباحثين والأساتذة والقضاة والمهتمين بالثقافة القانونية وعلم القضاء على كتابة المقالات والدراسات والأبحاث من أجل الارتقاء بمستوى الأداء ونشر الوعي القانوني بين أفراد المجتمع بشكل عام.
لا شك في إن المعرفة تكون أكثر فاعلية عندما يكون الوصول اليها سهلاً وعلى الرغم من إنتشار الكتاب الألكتروني إلا أن الكتاب الورقي يبقى له ما يميزه ، إذ أن قراءته تخلف علاقة وصلة وثيقة بينه وبين القارئ وبالتالي تولد راحة نفسية لا يجدها القارئ في الكتاب الألكتروني ، كما إن مطالعة الكتاب الورقي لا تعتمد على توافر الكهرباء أو الأنترنت ، وغيرها من الميزات التي جعلت الكتاب الورقي متربعاً على أسواق الكتب ومعارض الكتاب في مشارق الأرض ومغاربها ، ولهذا فأننا ننتهز هذه الفرصة وندعوا كافة الزملاء القضاة والباحثين والمتخصصين في فروع القانون المختلفة وفي مجال العلوم القضائية لنشر بحوثهم ونتاجاتهم في هذه المجلة ، وعلى وعد منا أن تكون مجلة حمورابي عوناً لكل باحث جاد ومجتهد يرغب في نشر نتاج فكره وحصاد جهده ، وأن تكون معين علم لكل باحث عن المعرفة التي تتصل بمجالات إختصاص المجلة ، ودون أن ننتظر من ذلك بدلاً ولا شكراً مساهمة منا في خدمة المعرفة القانونية والقضائية.
إلا إنه ومهما كانت عزيمتنا صادقة في الرقي بهذه المجلة والدفع بها الى الأمام بغية إيجاد موطئ قدم لها في ساحة تعج بالإصدارات فأن هذه الإرادة والعزيمة لن تبلغ مداها إلا بتظافر عاملين أساسيين :-
أولهما :- أن تلقى هذه المبادرة تجاوباً وتفاعلاً منك أيها القارئ الكريم ومن كافة المنشغلين بمجالات اهتمام المجلة من قضاة وأساتذة جامعيين وباحثين ومحامين.
ثانيهما :- أن تحافظ المجلة على طابع رصين لها وهو ما لم يتآتى إلا بالحرص على جودة ما ينشر بها من مواد مما يستدعي اعتمادها نظام التحكيم العلمي ، وذلك بعرض المساهمات المرشحة للنشر على لجنة علمية من هيئة التحرير تحدد مدى استيفائها للضوابط العلمية في هذا المجال وتحديد قابليتها للنشر .
ستعتمد المجلة في تبويبها على محاور ثابته لكنها تتميز بتنوعها وشمولها لكل ما يرتبط بالعمل القضائي من دراسات وأبحاث وأحكام وتعاليق ونصوص تشريعية ، حيث ستضم المجلة في كل عدد منها محور يتخصص بالبحوث والدراسات ستندرج فيه المساهمات العلمية لأساتذة القانون والقضاة والمحامين وغيرهم من المختصين في هذا المجال ومحور آخر يختص بالأحكام التي تصدرها محكمة التمييز الاتحادية ومحاكم الاستئناف بصفتها التمييزية والمحكمة الإدارية العليا والأحكام الصادرة عن محكمة التمييز في إقليم كوردستان العراق وبعض الأحكام الصادرة عن الأقضية في عدد من الدول العربية ، وسيكون التركيز فيها على الأحكام الصادرة عن محكمة التمييز الاتحادية انطلاقاً من الدور المناط بها باعتبارها تتربع على هرم التنظيم القضائي في العراق كونها الهيئة القضائية العليا التي تمارس الرقابة القضائية على جميع المحاكم من أجل حسن تطبيق القانون وتأويله وصولاً الى توحيد الاجتهادات القضائية وبالتالي توحيد الأحكام على مستوى العراق ، كما سيكون في المجلة محور متخصص بالتعليقات على بعض القرارات الصادرة عن محاكم الطعن التي تتضمن نقط تكون محلاً للنقاش والتحليل والتفسير ، ومحور آخر تحت عنوان (قرءت لك) يتناول بحثاً أو كتاباً في مجالات إهتمام المجلة ، ومحور مستقل بالنصوص التشريعية والتنظيمية يتم تخصيصه لاستعراض مختلف التشريعات التي تنشر في الجريدة الرسمية والتي لها علاقة بالعمل القضائي سواء تعلق ذلك بالقوانين أو المراسيم أو الأنظمة أو التعليمات ، ولن أفيض هنا بالتحدث عن المجلة أكثر من ذلك فذاك ما سنراه من خلال أبوابها وإنما أردت الإشارة الى هدف المجلة ومحاورها.
ولا بد لنا في هذه المناسبة من وقفة شكر وعظيم إمتنان نتقدم بها الى السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان على دعمه المباشر لجمعية القضاء العراقي في كافة خطواتها وخصوصاً فيما يتعلق بنشر الوعي القانوني وتعزيز سلطة القضاء ولكل من ساهم معنا في إنجاز هذا العمل سواء من أعضاء هيئة التحرير وكذا المشاركين في هذا العدد والذي نتمنى أن يكون بمستوى طموح الجميع.
وأسال الله مخلصاً أن يأخذ بأيدينا الى مواقع الحق والصواب وأن يرزقنا جميعاً صادق القول وصالح العمل ، وكلنا أمل أن ينال هذا العدد رضا قراءنا الكرام وأن يجدوا فيه النفع الجليل والفائدة العلمية والله ولي التوفيق.
القاضي
غالب عامر الغريباوي
رئيس جمعية القضاء العراقي