مجلة حمورابي/ السنة الخامسة – العدد الأول (كانون الثاني – شباط – آذار – نيسان – آيار – حزيران) 2023-----الفرق بين العدل والمساواة/ القاضي علي عبد الغني جلاب العتابي/ رئيس جمعية القضاء العراقي-----التغييرات المتتالية في قوانين الوكالة التجارية العراقية/ الأستاذ الدكتور أكرم ياملكي-----الدية بين الشريعة الاسلامية والعرف العشائري والقانون العراقي/ القاضي/ احمد محمود عبد التميمي/ رئاسة محكمة استئناف ديالى-----ضرورة مواكبة التشريعات للتطورات/ الدكتور عصمت عبد المجيد بكر-----ترجيح الاحكام/ د. لفته هامل العجيلي مدرس- جامعة الامام جعفر الصادق (ع) وقاض متقاعد-----الأحكام والقرارات/ قرارات المحكمة الاتحادية العليا – قرارات محكمة التمييز الاتحادية – قرارات محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية-----الاخلال بالكفالة الجزائية وتطبيقاتها القضائية/ اعداد القاضي/ مازن وسمي المرسومي/ نائب رئيس محكمة استئناف الانبار-----تعليق على قرار حكم/ التعليق على قرار محكمة استئناف القادسية بصفتها التمييزية بالعدد 24/ت/تنفيذ/2023 في 9/2/2023 القاضي فلاح كريم وناس/ نائب رئيس محكمة استئناف واسط-----قرأت لك/ قراءة القاضي فلاح كريم وناس/ نائب رئيس محكمة استئناف واسط-----مكتبة حمورابي/ نافذة على الاصدارات القانونية الحديثة والتعريف بها، وندعو الباحثين من قضاة وأساتذة جامعات لإرسال نتاجاتهم للتعريف بها مع نبذة مختصرة عن مضامينها/ اعداد واختيار د. لفته هامل العجيلي

مواضيع العدد

الدية بين الشريعة الاسلامية والعرف العشائري والقانون العراقي

القاضي/ احمد محمود عبد التميمي

رئاسة محكمة استئناف ديالى الاتحادية

المستخلص

    تظهر أهمية دراسة الدية كونها من المسائل الشرعية التي أثير بصددها الجدل والإشكال بين شراح القانون على الرغم من ثبوت مشروعيتها في الشريعة الإسلامية ، التي أفاض فقهاؤها في بيان تفصيل أحكامها وخصائصها باعتبارها جزءاً من فلسفة العقوبة في هذه الشريعة ، التي عجزت القوانين الوضعية الحديثة عن الإتيان بمثلها بعد أن عالجتها تلك القوانين على إنها تعويض مدني يستحقه المجنى عليه أو ذووه في حالة القتل أو الجروح أو تلف الأعضاء .

   وعلى الرغم من اشتراك الدية والتعويض في كثير من العناصر إلا إن ذلك لا يعني إنهما بنفس المفهوم ومع ذلك لم يتطرق المشرع العراقي إلى أحكام الدية في أي من نصوصه ، تاركاً ذلك إلى اجتهاد القضاء الذي تباين في أحكامه في ذلك بعد أن اعتمد على أحكام الشريعة في بعضها وعول على الأعراف والتقاليد العشائرية السائدة في بعضها الآخر مع ما يستتبع ذلك من احتمال تباين الاجتهاد القضاء في المسألة الواحدة ، وإن لمحكمة التمييز الاتحادية القول الفصل في ذلك فكان ما استقرت عليه من مبادئ نبراساً تسترشد به محاكم الموضوع .

المقدمة

    تحتل الدية في الوقت الحاضر حيزاً في الحياة العملية التطبيقية بين الأفراد وأمام المحاكم المدنية والجزائية في العراق ، وإنها تظهر من وجه نظر المحاولات والتطلعات الجديدة من أهم البدائل الناجعة عن القصاص المقرر كعقوبة في الشريعة الإسلامية .

   وقد فصلت هذه الشريعة أحكام الدية وجعلتها واضحة للناس بأدلة لا غموض ولا إشكال فيها ، فطبقها المسلمون منذ عهد رسول الله e إلى يومنا الحاضر ، وقدر الإسلام هذه الديات وحدد المستحقين لها في جرائم القتل والجراح وضرر الأعضاء بأحكام وأدلة واضحة للناس لا شك فيها ، إذ إنه اعتبرها سبيلاً من أهم السبل التي من خلالها يحافظ الإسلام على بناء المجتمع من الانهيار والفوضى والثارات التي قد تحصد أرواح كثير من الناس الأبرياء . فالدية تدور بين الجزاء الجنائي والمدني غايتها تطييب النفس التي أصابها الأذى وجبر الخواطر التي أصابها الألم في نفس المجنى عليه وذريته فاعتبرت في ذلك جزءاً من فلسفة العقوبة والتعويض في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي .

   لكننا نلاحظ في زماننا رخصاً واضحاً وتدنياً بيناً في تقدير قيمة الديات لا سيما بعد اعتماد القضاء العراقي على الأعراف والتقاليد العشائرية السائدة في تقديرها وتحديد المستحقين لها ، حتى نجد إن هذه التقديرات غير رادعة مما أدى إلى استهانة الناس بدماء بعضهم بعضاً ، بعد أن أصبح اليوم قيمة مائة من الإبل أو ألف مثقال من الذهب فيه إرهاق لا يطاق ، مما اضطر القائمين على الدية إلى الهبوط عن قيمتها الشرعية إلى أدنى المستويات ، وقبل الخوض في الدية ومعرفة أسرارها والإحاطة بهذا الموضوع وإعطاء فكرة واضحة عنه تم الاعتماد في ذلك على خطة بحث تكونت من مقدمة ومبحثين وخاتمة ذكرت فيها أهم نتائج البحث والمقترحات والتوصيات……..