مجلة حمورابي/ السنة الخامسة – العدد الأول (كانون الثاني – شباط – آذار – نيسان – آيار – حزيران) 2023-----الفرق بين العدل والمساواة/ القاضي علي عبد الغني جلاب العتابي/ رئيس جمعية القضاء العراقي-----التغييرات المتتالية في قوانين الوكالة التجارية العراقية/ الأستاذ الدكتور أكرم ياملكي-----الدية بين الشريعة الاسلامية والعرف العشائري والقانون العراقي/ القاضي/ احمد محمود عبد التميمي/ رئاسة محكمة استئناف ديالى-----ضرورة مواكبة التشريعات للتطورات/ الدكتور عصمت عبد المجيد بكر-----ترجيح الاحكام/ د. لفته هامل العجيلي مدرس- جامعة الامام جعفر الصادق (ع) وقاض متقاعد-----الأحكام والقرارات/ قرارات المحكمة الاتحادية العليا – قرارات محكمة التمييز الاتحادية – قرارات محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية-----الاخلال بالكفالة الجزائية وتطبيقاتها القضائية/ اعداد القاضي/ مازن وسمي المرسومي/ نائب رئيس محكمة استئناف الانبار-----تعليق على قرار حكم/ التعليق على قرار محكمة استئناف القادسية بصفتها التمييزية بالعدد 24/ت/تنفيذ/2023 في 9/2/2023 القاضي فلاح كريم وناس/ نائب رئيس محكمة استئناف واسط-----قرأت لك/ قراءة القاضي فلاح كريم وناس/ نائب رئيس محكمة استئناف واسط-----مكتبة حمورابي/ نافذة على الاصدارات القانونية الحديثة والتعريف بها، وندعو الباحثين من قضاة وأساتذة جامعات لإرسال نتاجاتهم للتعريف بها مع نبذة مختصرة عن مضامينها/ اعداد واختيار د. لفته هامل العجيلي

مواضيع العدد

المسؤولية الجنائية لنشر الاخبار الكاذبة والشائعات

القاضي اريج خليل حمزة

الوظيفة والصفة/ نائب مدعي عام في رئاسة محكمة استئناف الرصافة الاتحادية

رغم ان الدستور العراقي لسنة ٢٠٠٥ في المادة ٣٨ منه قد كفل حرية التعبير عن الراي بكافة الوسائل وحرية الصحافة والاعلام والطباعة الا ان ذلك مقيد بالحماية القانونية وبعدم الاخلال بالنظام العام والآداب ، خاصة ونحن نشهد وسائل جديدة للتعبير عن الراي اكثر تأثيرا من الوسائل التقليدية حيث اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنشر الاخبار والشائعات المجهولة المصدر ، وهذا امر بات من سمات هذه الوسائل كونها وسائل لا تخضع لرقابة مركزية الا ان الموضوع تزداد خطورته عندما يكون نشر الشائعات والاكاذيب في ظروف حرجة فأنها ستكون عندها وسيلة لاستنزاف طاقة المواطن والدولة ، وخير مثال على ذلك ما يثار من اخبار كاذبة وشائعات عن فيروس كورونا والذي جعل الحكومة امام معركة اشد فتكا من المرض ذاته ، وادت الى استنزاف طاقتها في تكذيب ومواجهة الشائعات والاخبار المشكوك بصحتها وعدم الاعتماد على المصادر الرسمية للمعلومة بالشكل الذي آثر على أمن وسلامة المجتمع واثار الهلع بين المواطنين .

ويرافق الشائعات الصحية نوع اخر وهي الشائعات الاقتصادية واخبار تخفيض الرواتب او عدم صرفها للأشهر القادمة واخبار غلاء الاسعار والتي تناقلتها مواقع كثيرة وكانت من ابرز الإشاعات الاجتماعية ، والتي كان لها دور في ارباك المواطن وقلقه من المجهول وادخله في نوع اخر من القلق لا يقل خطورة من قلق تفشي الوباء دون اكتراث بالدقة في نشر المعلومة وخاصة بالنسبة لأولئك الذين ينشرون اخبار كورونا فايروس ويربطوها بنظرية المؤامرة متناسين ان الأخبار الكاذبة والمعلومات الخاطئة والنصائح غير السليمة على وسائل التواصل الاجتماعي يجعل انتشار المرض اسرع واسوء كون ان المعلومات المغلوطة سريعة الانتشار من الممكن ان تغير من سلوك الأفراد وتجعلهم اكثر عرضة لخطر الإصابة بالوباء ، منظمة الصحة العالمية ادركت خطورة الشائعات الصحية فحاولت السيطرة على هذا الأمر بتحديد موقع تابع لها يتم فيه تحديد اجمالي الإصابات في كل دول العالم منعا للشائعات .

وقد سارعت العديد من الدول الى تذكير مواطنيها بالمسائلة القانونية عن نشر الاخبار الكاذبة واستغلال الوضع الصحي لبث رسائل مغرضة وخلط الحقائق وتفعيل الملاحقة القانونية لكل من ينشر الاخبار الكاذبة قاصدا بث الهلع والرعب وتشويه الحقائق .

قانون العقوبات العراقي عاقب مروجي الشائعات والاخبار الكاذبة في المادة ٢١٠ منه والتي جاء فيها ” يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ٢٠٠٠٠١ مائتان وواحد الف دينار ولا تزيد عن ١٠٠٠٠٠٠ مليون دينار او بإحدى هاتين العقوبتين من اذاع عمدا اخبارا كاذبة او بيانات او اشاعات كاذبة ومغرضة او بث دعايات مثيرة اذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام او القاء الرعب بين الناس او الحاق الضرر بالمصلحة العامة ….. ” ، كما نصت المادة ٢١١ ” يعاقب بالحبس وبالغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى طرق العلانية اخبارا كاذبة واوراقا مصطنعة او منسوبة كذبا الى الغير اذا كان من شأن ذلك تكدير الامن العام او الاضرار بالمصالح العامة ” كما حددت المادة ١٩ / ٣ / ج من بين طرق العلانية الصحافة والمطبوعات الاخرى واي وسيلة اخرى من وسائل الطبع والنشر ، فجاءت بمفهوم واسع لمصطلح العلانية ليشمل كل ما يستجد من وسائل حديثة للنشر ما دام تؤدي الغرض وهو تحقيق العلانية ، وان النصين السابقين للمادتين ٢١٠ و٢١١ من قانون العقوبات العراقي قد حددا المسؤولية الجنائية لكل من ينشر الاخبار الكاذبة والاشاعات او يساهم في ذلك بقصد زعزعة الامن العام واثارة الرعب بين الناس فانه يكون متحملا للمسؤولية الجنائية عن ما يترتب على ذلك خاصة وان البلد يمر في ظرف صحي حرج يجعل الناس يتشبثون بأي معلومة مما يتسبب في حالة من الذعر والهلع الجماعي وان وسائل التواصل الاجتماعي اصبحت البيئة الاكثر ملائمة لهذه الشائعات التي اثرت سلبا في حياة الأفراد ، لذا على المؤسسة القضائية و وزارة الداخلية وكافة الجهات ذات العلاقة كشبكة الاعلام العراقي ووزارة الثقافة ان تأخذ دورها عن طريق اعلامها وتحذر المواطنين من المشاركة في نشر الاخبار مجهولة المصدر واعتبار ذلك امرا في غاية الخطورة منوهة الى تعرض المسؤول عن ذلك للملاحقة القانونية.