أثر تعدد الجرائم في الإجراءات الجزائية

    الجريمة ظاهرة اجتماعية موغلة في القدم فقد سبقت في وجودها القانون باعتبارها وليدة السلوك الإنساني وظروف المجتمع المختلفة ولم يكن تطور الجريمة بمعزل عن التطور الحضاري للمجتمعات الإنسانية في مختلف عصورها، وقد شهد التاريخ الإنساني ظهور جرائم واختفاء أخرى، ويعد عصرنا الحديث أكثر المراحل التاريخية التي تظهر وتتعدد وتتنوع فيها أنماط السلوك الإجرامي نظراً للتطور العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي وتتعقد صور ارتكاب الجرائم وتتشابك بحيث يصعب حصرها بنصوص قانونية محددة.

   وان الصورة البسيطة والمألوفة لارتكاب الجريمة هو أن يفضي السلوك الإجرامي للجاني إلى تحقيق نتيجة جرميه واحدة ويتم ملاحقة الجاني عن تلك الجريمة وإيقاع العقوبة المقررة لها قانوناً وهذه الحالة لا تثير أية مشاكل، ولكن قد يرتكب الجاني أكثر من جريمة مستقلة عن بعضها قبل أن يصدر حكم عليه في إحداها، أو يرتكب عدة جرائم تكون مرتبطة فيما بينها ارتباط لا يقبل التجزئة يجمعها غرض واحد،  أو أن يؤدي الفعل الإجرامي الواحد الذي ارتكبه الجاني إلى تحقق عدة نتائج جرميه  حيث تكون الجرائم عبارة عن سلسلة متداخلة من الأفعال والنتائج التي قد يصعب كشفها أو فصل بعضها عن البعض، مما يُصعب تبعاً لذلك الإجراءات القانونية التي تتخذ حيال هكذا نوع من الإجرام، وتعرف هذه الحالة من الإجرام بحالة(تعدد الجرائم) أو(الإجرام المعقد)…