المقدمــــة
يعد الاهتمام القانوني بحماية كل من مصالح المجتمع والأفراد من الضرر هو أهم ما يميز القانون الجنائي عن غيره من القوانين وهو ما يميزه بصفة خاصة عن القانون المدني الذي لا يهتم إلا بتعويض الضرر الذي يصيب الأفراد. وقد عبر (SHABAS) عن هذا المعنى بقوله “الشخص الطبيعي أو المعنوي دائماً هو المجنى عليه في القانون المدني, وهو المجنى عليه أحياناً في القانون الجنائي, بجانب المجنى عليه الدائم في كافة نصوصه والذي يتمثل في المجتمع” وبحق فقد بين (VERDIER) أن الهدف الأول لاهتمامات التشريع العقابي هو حماية المجتمع من الاضطراب الذي قد يصيبه من بعض التصرفات, وهذا ما يدعو إلى رفع هذه التصرفات إلى مرتبة الجرائم لوقاية المصالح الاجتماعية. مما يعني إن الضرر الاجتماعي محسوب دائماً من المشرع الاجتماعي في كافة نصوص التجريم, لأنه يمثل الاعتداء على فحوى وأساس النظام العام المتمثل في الحفاظ على القيم والمصالح الجوهرية في المجتمع. فالنصوص الجنائية تستهدف غاية واحدة تتمثل في حماية المصالح الاجتماعية التي يعدها المشرع جديرة بالحماية من الأضرار التي قد تلحق بها، ومن ثم فأن مواجهة الإضرار بالمصالح المحمية تعد غاية النصوص الجنائية، مما يعني إن فكرة الضرر الجنائي ذات صلة بالمسؤولية الجنائية، أي أن هناك صلة للاعتداء في الواقعة الجرمية مع فاعلها، حيث إن ذلك يتبين في انتهاك شق التكليف الخاص في النص التجريمي مما يترتب عليه الإضرار بالمصلحة المحمية بهذا النص، كما يتطلب اكتمال الركن المادي تعريض هذه المصلحة لخطر الأضرار بها، وقد يكون في صورة إصابة هذه المصلحة بضرر محقق، مما جعل جانباً من الفقه يعد هذا الضرر ركنا خاصا في تلك الجرائم بينما يذهب جانب فقهي أخر إلى أن هذا الضرر لا يشكل إلا عنصراً في النتيجة تتوافر في وجوده…