الفرق بين العدل والمساواة
الفرق بين العدل والمساواة
يرتبط مفهوم العدل والمساواة ببعضهما البعض، إلّا أنّ العدل لا يكون دائماً بالمناصفة والتكافؤ بين الأطراف في مختلف القضايا والأمور، حيث يدلّ على الحياد في المعاملة وفق الضوابط المتّبعة، بحيث إذا تشابهت حقوق الطرفين المتنازعين فيجب المساواة بالإنصاف بينهما، أمّا إذا تباينت الحقوق فيأخذ كلّ طرفٍ من الأطراف ما يستحقه تماماً حتّى لو كانت النتيجة غير متكافئة بين الأطراف.
رأى أرسطو بمنظوره الشخصي أنّ العدل يعني معاملة الأفراد بالتناسب في إعطاء الحقوق بمنطق القانون، حيث إنّه يُمكن حصول أحد الطرفين على ما لا يستحقه إذا طُبقّت قاعدة المساواة ذاتها في توزيع الحقوق لأصحابها، وهنا يُمكن القول بأنّ مفهوميّ العدل والمساواة مرتبطان لكنّهما مختلفان، وتتحقق المساواة عند تطبيق العدل بين الناس، ويختلف مفهومي المساواة والإنصاف في قانون العدل، رغم تقارب المعنى بينهما.
عرّفت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المساواة بأنّها منح أفراد المجتمع فرصاً متكافئةً لتمكينهم من تحقيق الاستفادة القصوى من مواهبهم وحياتهم، بحيث يحصل الجميع على ذات الفرص والمعاملة والدعم، ويتساوى الجميع بغض النظر عن أعراقهم، وأنسابهم، واعتقاداتهم، وحالتهم الجسدية كالإعاقة. إما العدل فيُعرّف بأنّه الامتثال لسيادة القانون وإنهاء التعسّف بتحقيق المساواة في المجتمع عن طريق ردّ الحقوق وإتاحة الحريات والفرص لجميع أفراد المجتمع، حيث يُعدّ الغاية التي يُتطلّع للوصول لها، ويمنح القانون في المجتمعات العدالة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية لكافة المواطنين في مجالات الحياة عامة، ويجدر بالذكر أنّ كلمة العدل مشتقّة من الكلمة اللاتينيّة “jungere”؛ والتي تعني الارتباط والانتظام الذي يخضع له الجميع بهدف حفظ الحقوق الإنسانية بنحوٍ يُرضى الجميع.
تتسّم العدالة بالعديد من السمات، ومنها ما يأتي:
-
ترتبط العدالة بعلاقة الأفراد ببعضهم في المجتمع.
-
تستند العدالة على عادات وتقاليد المجتمع.
-
ترتبط العدالة بجميع جوانب السلوك البشري، ويتحقّق ذلك عن طريق وضع القوانين وإنشاء المحاكم.
-
تهدف العدالة إلى توزيع الحقوق والفرص والوسائل بشكلٍ متساوٍ وعادل بين الجميع.
-
ترتكز مسؤولية العدالة على التوفيق بين المصالح الفردية والمجتمعية.
-
ترتبط العدالة ارتباطاً وثيقاً بقيمٍ أساسية أخرى، مثل: الحرية، والمساواة، والملكية. يرتكز العدل على مبدأ الموازنة بين العلاقات الإنسانية، لكي يتمكّن كلّ فرد من الحصول على حقوقه، أو عقابه فيما لو أخلّ بأحد القوانين.
-
تتنوّع أبعاد العدالة ما بين العدالة الاجتماعية، والعدالة الاقتصادية، والعدالة السياسية، والعدالة القانونية.
تتعدّد أنواع العدالة، وهي كالآتي:
العدالة التوزيعية: أو العدالة الاقتصادية، وتُشير إلى التوزيع العادل بين الأفراد سواء كان ذلك بالسلع أو أيّة منافع أُخرى، حيث تنخرط العدالة التوزيعية بالنظام الاجتماعي الذي يعتمد على أساس المساواة.
العدالة الإجرائية: يُشير هذا النوع من العدالة إلى اتخاذ إجراءات عادلة لتحقيق التوزيع بالإنصاف بين الناس.
العدالة الإصلاحية: هي شكل من أشكال العدالة التي تُركز على الجرائم بتسليط الضوء على الضحية والجاني والإصلاح فيما بينهما سواء بالاعتذار أو بتعويض المتضرر مع ندم الجاني على ما فعله، ويُطلق عليها اسم العدالة التصحيحية.
العدالة الجزائية: أو العدالة الرجعية، وتعمل على مبدأ إقرار العقوبة المُستحقة العادلة لردع مرتكبي الجرائم عن تكرار تلك المخالفات مستقبلاً تجاه الضحايا، بحيث يُصبح الأمر خارج إطار الانتقام بترضية الضحايا كي لا يلجأوا إلى استرداد حقوقهم دون القانون.
العدالة الاجتماعية: تُعرّف العدالة الاجتماعية بأنها تحقيق العدل والإنصاف بين أفراد المجتمع، ويكون ذلك في العدل في الحصول على الرعاية الصحية، والتوظيف، والسكن، وغيرها، وفيما يأتي بعض المبادئ التي ترتكز عليها العدالة الاجتماعية: 1- حقوق الإنسان. 2- المشاركة. 3- الإنصاف. 4- المساواة في العرق. 5- المساواة بين الجنسين.
القاضي
علي عبد الغني جلاب العتابي
رئيس جمعية القضاء العراقي